حدة حزام / عندما يتكلم رجل دولة
عندما يتكلم رجل دولة
2014.03.21
لا، لم يتكلم كزعيم عرش يدافع عن أهله وعشيرته، ولم تحركه إهانة الشاوية، لأنها مردودة على أهلها، ولم يتدخل طمعا في السلطة التي تركها بمحض إرادته نائيا بنفسه عن الخيانة. وإنما تكلم بمنطق الحكيم، والمسؤول ورجل الدولة، ومن مكانته كرئيس يحترمه الجميع، لأنه ما زال ناصع البياض لم يتسخ بأوساخ الفساد التي تغرق فيها السلطة الحالية.
لا، لم يتكلم كزعيم عرش يدافع عن أهله وعشيرته، ولم تحركه إهانة الشاوية، لأنها مردودة على أهلها، ولم يتدخل طمعا في السلطة التي تركها بمحض إرادته نائيا بنفسه عن الخيانة. وإنما تكلم بمنطق الحكيم، والمسؤول ورجل الدولة، ومن مكانته كرئيس يحترمه الجميع، لأنه ما زال ناصع البياض لم يتسخ بأوساخ الفساد التي تغرق فيها السلطة الحالية.
تكلم زروال وهو الذي نذر الصمت، ونأى بنفسه ليس عن الحسابات السياسية، بل عن العاصمة أين تعقد الصفقات المشبوهة ومجالس الخبث السياسي، لم يهرب إلى سويسرا مثلما فعل البعض في عز الأزمة، ولم يترك منصبه إلا ومركبة الجزائر بدأت ترسو على شاطئ الأمان.
قولوا عنه ما شئتم، لكن تكفيه خصلة واحدة ليسمو فوق كل الحكام العرب المتمسكين بالكرسي ولو على حساب مصلحة البلاد وأمنها، ولن يضر السحاب نباح الكلاب الضالة - ومعذرة للقراء.
لأعد إلى الرسالة، فهي لم تأت عن هوى وإنما عن بصيرة وصورة واضحة المعالم لجزائر تشرف عن الانهيار والحرب الأهلية، ومثلما تحمل الرجل مسؤولياته سنوات الدم، تحملها اليوم وقال كلمته في الأحداث ووضح الطريق الذي يجب اتباعه للخروج من الأزمة، وهو طريق النجاة الوحيد، فإما أن نتبعه أو نتيه في الخراب والخراب على أبوابنا.
قالها بالحرف الواحد، إن الانحراف بدأ بالدوس على الدستور، ولم يكن في حاجة إلى تفسير أكثر، فهو من حدد عهدات الرئاسة بعهدتين، قبل أن يأتي من خلفه ويفتحها أمام طموحه وعشقه للسلطة الذي لا حدود له، زروال يعرف كل شيء، عن الفساد، وعن الدوس على الدستور والقوانين، وعن الصورة الكاذبة التي تريد السلطة أن تمنحها لنفسها وتلمع من ورائها صورة الرئيس المرشح، أنه وراء البحبوحة المالية، ووراء عودة الأمن والسلم، فالرجل كان رئيسا، ويعرف الثمن الذي دفع ليعود الأمن والسلم، ويعرف أن الشعب لم ينل عظما من البحبوحة المالية التي يتشدقون بها، قد يعرف حتى أسماء البنوك والمصارف التي حولت إليها، ويعرف ربما أسماء المستشارين الأجانب اليد الخارجية الحقيقية التي تتدخل في الشأن الجزائري لتحول أموال الجزائريين إلى مصارف أجنبية، والله وحده واللصوص يعرفون الأرقام الحقيقية لهذه التحويلات.
كفي كذبا وكفي خيانة وكفى لعبا بمصير البلاد! هذا ما عنته الرسالة، فالوقت ليس للعب بالنار.
زروال حمّل الجميع مسؤولياتهم، وحذّر من البركان الخامد الذي ينذر بالانفجار، إما انتقال حقيقي للسلطة، وضمان وحدة الجيش الذي دافع عليه من موقعه كجندي وكمسؤول، وإما الخراب.
لم يسم الأشياء بأسمائها، فلا يمكن أن ينزل إلى مستوى المتشبثين بالعهدة الرابعة ليقول لهم كفاكم مهزلة، فهو أكبر من كل هذا، لكن الصفعة وصلت مدوية إلى وجه الخونة الذين باعوا ضميرهم إلى الشيطان وقبلوا المشاركة في جريمة ذبح الجزائر، وكم عددهم!
اليوم ليس كالبارحة، وتاريخ المرحلة السياسية للبلاد سيسجل أن الرجل تحمل مسؤولياته في وقتها، وسيصير الحديث عن ما قبل رسالة زروال وما بعدها، فالرسالة قلبت المفاهيم والحسابات، فلم يعد هناك مكان للحسابات الضيقة وما يربحه هؤلاء وهؤلاء من هذه الصفقة الخاسرة مسبقا، وإنما الوقت لتحمل المسؤوليات مثلما تحملها الرئيس السابق.
ولم يعد هناك مكان للتهديد بإخراج الدبابات أو حرق البلاد على رأس أهلها أو المغامرة لتزوير إرادة الشعب، لأن الشارع الجزائري من مستغانم إلى باتنة أول أمس، أرسل رسالة واضحة إلى من يهمه الأمر، حذار اللعب بالصناديق، لأنها ستكون شرارة النار التي ستحرق البلاد كلها؟
شكرا للرئيس زروال أيضا، الذي بخروجه أربك مرة أخرى محيط الرئيس فسارع لإخراجه من مخبئه في لعبة مكشوفة بعرضه أمس، أمام كاميرات التلفزيون، لكن الصورة البائسة للرئيس المرشح، لم تلق بالظل على رسالة اليامين زروال.
وشكرا أيضا للمحامي والنائب المستقيل مصطفى بوشاشي، الذي تزامنت رسالة استقالته إلى رئيس المجلس الشعبي الوطني مع رسالة زروال، وهي الأخرى أنارت بدورها الطريق لما يجب أن تكون عليه جزائر الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات؟
حدة حزام
تعليقات
إرسال تعليق