الأمير عبد القادر الثاني بقلم : بشير حمادي


... من المتوقع العودة القريبة للحديث وبقوة عن تعديل الدستور، وعن نظام رئاسي يفضله العزيز، ويروج له سي عبد العزيز.. وطرح الأفكار السياسية والترويج لها ليس عيبا ولاعملا مشينا، بل هو فعل مطلوب ومحمود، فالأفكار كالمسامير كلما طرقتها أكثر أزدادت عمقا..

وضمن هذا السياق يمكننا القول أن إصلاح النظام السياسي الذي لاطعم ولالون له عندنا لايمكن لعاقل أن يقف في وجهه، ذلك أنه إذا كان هناك من إصلاح يتوجب القيام به حقا واليوم قبل الغد، فهو إصلاح النظام السياسي، الذي يتجه شيئا فشيئا إلى النظام الشمولي وحكم الفرد بدلا من سيره في اتجاه نظام المؤسسات الدستورية القوية والمتوازنة، القادرة على الأداء الجيد لوظائفها لتحقيق الأهداف الكبرى لمجتمع ديمقراطي حر وعادل..

النظام الرئاسي أفضل من النظام الشبه رئاسي، والنظام البرلماني أحسن من النظام الشبه برلماني، والنظام الديمقراطي أفضل من النظام الشبه ديمقراطي، أي أن الأصل أفضل من الشبه..ورغم أن الرئيس في النظام الرئاسي يتمتع بسلطات واسعة، فهو الرئيس ورئيس الحكومة، وليس هناك مجلس وزراء يشاركه السلطة ورسم السياسة العامة للدولة والبث في القرارات الهامة، إلا أن هذا النظام فيه سلطة تشريعية لها صلاحيات حقيقية، وإذا أختلف الرئيس معها فلا يحق له حل البرلمان، وهو مقيد بقيود قانونية حتى لايتحول إلى دكتاتور، وهناك حقوق للمواطنين لايحق للرئيس المساس بها، فهي مقدسة، وفي مقدمتها حرية الإعلام والتعبير...ألخ
إن إصلاح النظام السياسي مستحب لكن لايجب أن يكون بطريقة إصلاح النظام التربوي، أي تقوم به مجموعة من الأشخاص ذو التوجه الواحد والولاء الواحد. فإصلاح النظام السياسي يعني الشعب برمته بكل فئاته وحساسياته، وربما أجياله، وليس تجربة لسنة أو عهدة تم نعود من جديد إلى نفس الأغنية، وبحجة أن هناك تغرات أو نقائص أو أخطاء في التقدير مثلما حدث بالنسبة لإصلاح المنظومة التربوية. فمثلما لايحق لأحد أن يجعل أبناءنا فئران تجارب لايحق لأحد كذلك أن يجعلنا فئران تجارب، خاصة بعد نصف قرن تقريبا من الإستقلال..

النظام الرئاسي جيد.. لكن هل يمكننا حقا اعتماد نظام رئاسي بما يعني ذلك من مؤسسات دستورية قوية؟ هل يمكن للرئيس عندنا ـ أي كان هذا الرئيس ـ والذي ينتخب على أساس برنامج سياسي له الحق المطلق في تطبيقه، وفي اختيار من يسهرون على تطبيقه، أن يقبل ببرلمان لايحق له حله، قوي بأدائه ولجان الإستماع فيه، ولجان التحقيق والمساءلة حتى في السياسة الخارجية والدفاع، وحتى وإن كانت الأغلبية فيه لحزب الرئيس؟

هل يرضى الرئيس مثلا أن يستشير لجانا برلمانية في تعيين شخصيات في مناصب هامة داخلية وخارجية؟ وهل يتقبل من البرلمان رفض هذا أوذاك؟
هل يمكن للرئيس عندنا أن يقبل بسلطة قضائية يقف جميع المواطنين أمامها سواسية، بما في ذلك الرئيس، وأن لاأحد يمكنه أن يكون فوق القانون؟
هل يمكن لنظامنا الرئاسي أن يجعل الأجهزة الأمنية من الشرطة إلى المخابرات هيئات رافدة للمؤسسات السياسية، وليست قائدة أو مقيدة لهذه المؤسسات؟
أسئلة كثيرة تستحق الطرح والمناقشة والتفكير المعمق فيها قبل الإجابة، والسؤال الجوهري في توجهنا نحو النظام الرئاسي هو : هل يقبل النظام، أي " السيستام " تغيير جوهره؟

وأجزم هنا أن الذي يغير جوهر النظام عندنا باتجاه صيانة حقوق وحريات المواطنين، وقيام النظام على أساس أن العدل أساس الملك، والشعب مصدر ومالك السيادة يفوض جزءا منها لمن يشاء ويسحبها متى شاء، فإن أجيالا ستظل تذكره بخير وتدين له بما يتحقق لها من تفتح وتقدم في مختلف المجالات، وقد تقيم له نصبا من الذهب وليس من البرونز فحسب..
أما إذا كان المقصود بتعديل الدستور هو عهدة ثالثة للرئيس، ومنحه صلاحيات أوسع، بما يجعل السلطة تتمركز في يد شخص واحد أكثر فأكثر، وعلى حساب المؤسسات الدستورية الأخرى وحرية الإعلام، فإن النظام الملكي في هذه الحالة أفضل من النظام الرئاسي، بل إن النظام الأمبراطوري أفضل، فالملكة في بريطانيا والأمبراطور في اليابان في نظام ديمقراطي قائم على المؤسسات القوية والمتوازنة أفضل بكثير من جمهورية يحكمها ويتحكم في شعبها رئيس منتخب لكنه مستبد..
إذا كان الهدف من تعديل الدستور رئيس قوي ومؤسسات ضعيفة أو دولة قوية ومواطن ضعيف فإن البيعة أفضل من الإنتخاب، والأمير أفضل من الرئيس، وشخصيا لن أتردد في مبايعة الأمير عبد القادر الثاني استمرارا وتبركا بالأمير عبد القادر الجزائري إذا كان هناك أمل في قيام دولة قوية بمواطنيها لادولة مستقوية عليهم..


بشير حمادي _ جزء من مقال صدر في اسبوعية الحقائق العدد 31 من 09 إلى 15 جوان 2007

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل باع "هشام عبود" فيلم الصور الخاص بأبو نضال الى الموساد ؟؟؟ وما حقيقة تورط أو علم المخابرات الجزائرية بذلك ؟؟

عائلة بوتفليقة وعقدة الشعور بالنقص

هشام عبود في رده على سعد بوعقبة : لا انزل الى مستواه والعدالة هي من تفصل بيننا .