كلمة "حراير" : قراءة في فنجان قهوة ..... بقلم : حدة حزام


الخميس, June 20, 2013
حدة حازم : كاتبة ومديرة تحرير يومية الفجر 

بقلم : حدة حزام
ليس فنجان القهوة الذي تقرأه العرافات، وتتنبأ من خلاله الراسب في القاع عن مستقبل  المتنبأ له، فنجان القهوة هذا لم يتنبأ لنا بمستقبل الجزائر مثلما ينتظره الجزائريون على أحر من الجمر، بل قال فقط أن اليد التي حملته بكثير من الجهد، أنها ما زالت قادرة على توقيع القرارات، والدليل أنها أوصلت فنجان القهوة هذا حتى شفاه صاحبها  وارتشف منه مـحلول «بنت الشاذلية» على حد قول أمي التي كان يحلو لها القسم بالسائل الأسود.

  لا أدري كم استغرقت الصورة  من وقت لفريق التصوير الذي انتقل خصيصا إلى  مستشفى «ليزانفاليد»، ليعود لنا بهذا الإنجاز الرائع الذي يستحق من أجله  «اوسكار» هوليوود، أو سعفة ذهبية من  «كان» حتى وإن كان فيلما صامتا  على شكل أفلام شارلي شابلين بداية القرن الماضي  ، لكن الأكيد أنها تطلبت جهدا من الرئيس،الذي يبدو أنه قبل اللعبة الإعلامية على مضض،حتى يبدد الإشاعات المغرضة التي راجت بقوة حول مسألة مرضه ، وبعضها شكك حتى في بقائه على قيد الحياة .

المشرفون على إخراج هذا الفيلم الذي بثه التلفزيون الجزائري والصور التي نشرتها وكالة الأنباء  الجزائرية مساء الأربعاء  تحت ضغط الإشاعة وتساؤلات الجزائريين المشروعة  حول أحوال الرئيس الصحية، لم يكونوا يتوقعون أن هذه الصور  قد تفتح بابا   ليس على الإشاعة هذه المرة وإنما على  الحقيقة المرة، هل الرئيس الذي  بدا يعاني مرضا شديدا، يبقى قادرا على  تسيير شؤون البلاد، طوال العشرة اشهر الباقية من سنته الاخيرة ؟ لان الصور  اياها ارسلت الكثير من الرسائل، سواء تلك التي رغبت السلطة ومـحيط الرئيس ارسالها الى المتلقي، أو التي كانت تريد اخفائها  بإخراج الرئيس من غرفته  والجلوس إليه في بهو المستشفى العسكري مع قياديين اخرين هما الوزير الأول وقائد الأركان ؟.
فالرئيس كان قليل الحركة وربما أيضا غير قادر على الوقوف على رجليه. لا يهم وقف على رجليه أم لم يقف  فليس المطلوب منه أن يفتح  حفلا راقصا، المهم أن يده اليمنى على الأقل سليمة، وما زالت قادرة على توقيع المراسيم، توقيع لن يشكك أحدا في صحته، مثلما شككوا مؤخرا في قرار  صدر والرئيس يرقد بالمستشفى، وربما ايضا تقليد الرتب  لجنرالات وضباط جدد بالجيش، وقادر على الجلوس وأخذ القرارات بمجلس وزراء قد يكون الأخير أو ما قبل الأخير ، لأنه مجبر على إعلان  تاريخ الرئاسيات المقبلة  على الأقل بشهرين أو ثلاثة قبل موعدها .

قراءة اخرى للصورة الصامتة، هل الرئيس فقد شيئا من قدرته على الكلام ؟  مع أنه كان يحرك شفتيه بكل هدوء   وبدا وكأنه يوجه أوامره بحركة من يده لزائريه ، لأنه في هذه الحالة يطرح تساؤل اخر، كيف سيعبر بوضوح عن القرارات التي يتخذها  والأوامر  التي يوجهها لمن دونه؟ لا بأس أن يستمر الرئيس في منصبه للمدة الباقية، فيمكن لمنصب الرئيس إذا كان مريضا أن يقتصر على توجيه الأوامر، واتخاذ القرارات التي يراها صائبة من بين الخيارات التي يطرحها مستشاروه .

ما يعيب على   الصورة والفيلم ليس  لأن الرئيس مريضا ويعالج في مستشفى عسكري غداة الاحتفال بخمسينية الاستقلال ، فكل رؤساء العالم الثالث يعالجون خارج بلدانهم  فمبارك سافر من أجل العلاج إلى ألمانيا، والملك السعودي إلى أمريكا ، وملك المغرب موجود هو الآخر هذه الأيام من أجل العلاج  في فرنسا ، والرئيس الموريتاني تزامن علاجه هو الاخر بالعاصمة الباريسية  في نفس التوقيت . العيب في المكان الذي أخذت فيه  تحت «إشراف» صورة رسمية للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وكان بإمكان الفريق المشرف على إخراج الفيلم تفاديها و تفادي مدلولها سواء كان بقصد أو من دون قصد ، فيكفي شبهة المكان والقمة المصغرة التي عقدت به .

لكن يبقى ما هو أبعد من قراءة الفنجان وقراءة الصورة، أن الرئيس الذي يقاوم الداء، يقدم هذه الأيام خدمة غير مسبوقة للبلاد  بقبوله البقاء في منصبه رغم المرض ، ليجنب البلاد  مرحلة استثنائية اخرى كإجراء انتخابات رئاسية مسبقة، لأن انتخابات  مسبقة معناها أن الرئيس القادم سيكون ناقص الشرعية ، ويبدو وكأنه تم اختياره من قبل دوائر معينة، ولهاذ السبب فضل الرئيس  وعقلاء السلطة خيار استمرار بوتفليقة في المنصب حتى نهاية العهدة، لأن القراءة الأهم في الصورة هي أن لا عهدة رابعة مثلما يحاول البعض فرضه على الجزائريين

تعليقات

  1. تقييم رائع ومميز عن افضل مكينات القهوة في العالم من هنا

    https://www.c7sale.com/coffee-machines/

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بوتفليقة يلقي خطاب الوداع يوم 24 فيفري القادم .

هل باع "هشام عبود" فيلم الصور الخاص بأبو نضال الى الموساد ؟؟؟ وما حقيقة تورط أو علم المخابرات الجزائرية بذلك ؟؟

أهم القواعد الأمريكية في منطقة الخليج العربي المحتل