باسم يوسف - الظاهرة - يكتب للشروق المصري
فى هذا المكان منذ ثمانية
أشهر كتبت أول مقالاتى فى هذه الجريدة «الشروق» التى تفضلت على بهذه الفرصة
الكريمة لأكون جزءا من فريق كتابها العظيم والمحترم. وكان أول مقال لى يحمل عنوانا
صادما باسم «فوائد الإلحاد». وناقشت فيه انتشار ظاهرة الإلحاد أو على أقل تقدير ضعف
الإيمان والذى بدأ يأخذ شكلا علنيا من ترك العبادات وتغيير المظهر المحافظ بل
وربما الجهر بالشكوك فى الدين وربما يصل الأمر إلى الجهر بالإلحاد. طرحت تساؤلات
عديدة فى هذا المقال وكان من أهمها:ماذا نحن فاعلون لمواجهة هذه الظاهرة. هل
سنستخدم القانون والقمع ونجبر الناس على الاستتابة؟ هل سنعلن على هؤلاء الحرب؟ هل
سنحبسهم؟ نضربهم؟ نقتلهم؟ واذا لم نفعل كل ذلك، كيف سنتحاور معهم ونحن نعانى من
ضعف شديد فى الخطاب الدينى؟ ومن هنا جاء عنوان المقال، حيث تصورت أن بانتشار هذه
الظاهرة ربما يكون هناك فوائد غير منظورة ألا وهى تحديث وتغيير الخطاب الدينى
ليواجه التحديات الجديدة بدلا من دفن رءوسنا فى الرمال.
المهم
هاجمنى الكثير من الناس وظنوا أننى أروج للإلحاد والكفر وأشجعه. كل ذلك لأننى
تجرأت وتكلمت عن شىء هو حديث الصباح والمساء على صفحات التواصل الاجتماعى والجلسات
الخاصة بل والعامة فى بعض الأحيان. فأنا لم آت بجديد. والمفاجأة (المتوقعة) أن
هناك الآن فى مجلس الشورى طلبات إحاطة لمناقشة ظاهرة الالحاد. وسبحان الله لم
يهاجمهم أحد. وظهرت على الصفحات الإسلامية وبعض البرامج الدينية وعلى اليوتيوب
بوادر نقاش حاد حول هذه الظاهرة. وكالعادة ظهر فصيل من الناس اكثر تشددا لا يملك
الا السب والقذف وينادى بالاستتابة بل واقامة حد الردة.
حتى نكون
منصفين فإن هذه الأصوات لم ترتفع فقط بعد وصول الإسلاميين الحكم. ففى التسعينيات
كانت هناك دعاوى ردة ضد د. نصر حامد أبو زيد ودعاوى للتفريق بينه وبين زوجته.
وبالرغم من إلغاء الحكم عن طريق محكمة النقض فإنه مات منفيا بعيدا عن بلده. أيضا
فى أغسطس سنة 1977 تم تقديم مشروع إلى مجلس الدولة بإقامة حد الردة. ونص هذا
المشروع على حبس المرتد أكثر من مرة لمدة عشر سنوات وتصاعدت العقوبة لتصل إلى
الإعدام فى بعض الحالات. لم يتم تطبيق هذا القانون ولكن لو عرفنا أن مقدمى مقترح
القانون استندوا إلى وجود المادة الثانية فى الدستور وأن من قدمه كان لفيفا من
المحامين والقانونيين. حدث ذلك والإسلاميون بعيدون كل البعد عن الحكم فى ظل حكم
السادات ومبارك. فربما الآن فى ظل الحكم الإسلامى هناك فرصة اكبر لإعادة الكرة
وخاصة مع ارتفاع الكثير من الأصوات لتطبيق الحد أو على الأقل الاستتابة.
فى هذا
المقال لن أواجه موضوع حد الردة باستخدام شعارات حقوق الإنسان وحرية التعبير.
ولكننى سأحاول محاولة متواضعة لتفنيد هذا الحد من خلال قراءاتى المتواضعة فى
القرآن والسنة. فاذا أخطأت فعلى الأقل لى أجر. كالعادة ستكون هناك تعليقات مثل «مش
فاضل إلا انت كمان اللى تتكلم فى الدين» و«دعوا الكلام فى الدين للمتخصصين» كأن
الكلام فى الدين حكر على فريق معين، ربما يكون هو نفس الفريق الذى أوصلنا إلى حد
أننا نناقش الإلحاد كظاهرة معلنة فى مجلس الشورى. الدين يا سادة مجال مفتوح للجميع
ليتكلموا فيه. نحن لا نفتى ولا نقدم نصيحة أو مشورة. نحن نبدى رأينا والمجال مفتوح
للجميع.
المهم،
لنرجع للموضوع..
يعتمد
أنصار حد الردة على ثلاثة أو اربعة أحاديث لتأييد موقفهم. أشهرها «من بدل دينه
فاقتلوه». و الحديث الآخر عن أنه لا يحل قتل المسلم إلا فى إحدى ثلاث خصال: زان
محصن فيرجم، ورجل قتل مسلما متعمدا، والتارك لدينه المفارق للجماعة.
أما عن
الحديث الأول فبالنسبة للسند فإن الروايات المتكررة له تنتهى إلى عكرمة عن ابن
عباس. المشكلة هنا أن الإمام مسلم استبعد عكرمة من أحاديثه ولم يخرج له إلا حديث
واحد فى الحج مقرونا بسعيد بن الجبير. وتركه لطعن طائفة من العلماء فيه أنه كاذب
وبأنه كان يرى رأى الخوارج وكان يقبل جوائز الأمراء (كما قال عنه الشيخ محمد أبو
زهو فى كتابه الحديث والمحدثون، وخصص الامام الذهبى صفحتين فى كتابه ميزان
الاعتدال أورد فيهما مختلف الآراء أنه كاذب لا يحتج به).
أما
الحديث الثانى عن المسلم المرتد المفارق للجماعة فهناك روايات كثيرة للحديث تقرن
برواية عبدالله بن مسعود التى تقرن الارتداد وفراق الجماعة بإعلان الحرب وإيقاع
الضرر بالمسلمين. فبعض العلماء أخذوا بظاهر القول أن المفارق للجماعة أى الذى
تركها، والكثير قالوا إنه يجب أن يقرن الارتداد بإعلان الحرب وإيقاع الأذى
بالمسلمين. وحيث إننا نتكلم عن أرواح بشر فالكثير من العلماء لا يرجحون أن مجرد
ترك الدين مبرر كاف للقتل بل يجب إقرانها بتهديد الجماعة أو الأمة.
ولكن
ماهو رأى القرآن الواضح والصريح فى موضوع الردة؟ وكيف تعامل الرسول مع من ارتد من
المسلمين على عهده؟ وما هى قصة عبدالله بن خطل الذى قتل بالرغم من تعلقه بأستار
الكعبة؟ وما هو السبب الحقيقى لإعلان الحرب فيما سمى بحروب الردة فى عهد أبى بكر
الصديق وأخيرا ما هى شرعية أحكام الاستتابة.
أحاول
الاجابة عن هذه الأسئلة الاسبوع القادم إن شاء الله.
تعليقات
إرسال تعليق