:الوهابية الجهادية تتوضأ بدماء البوطي!!..



مقال رائع ..
للأستاذ محمد بغداد ،،
بعنوان:الوهابية الجهادية تتوضأ بدماء البوطي!!..
كم .. من الجرائد والقنوات توضأت بهذه الـدماء !!!...

أقل ما يوصف به الشيخ البوطي، بأنه الوصي الأول، والحافظ الأمين للفقه السياسي السني، من خلال محطتين أساسيتين، كسب من ورائهما أعداء كثيرون، وكانت نتيجتهما أن دماء الرجل توضأ بها خصومه، لتتفرق أشلاؤه في شوارع الشام، لأنه ارتكب من الأخطاء ما لا تغفره الوهابية الجهادية، وبلغ من إعاقته لمشاريعها، مستوى من التحدي والتجاسر، لا يمكن لها أن تتجاهله، أو تسمح به.

لم يبدع الشيخ البوطي شيئا، ولم يخترع جديدا في حياته، إلا أنه أعلن تمسكه بموقف الفقه السياسي السني، وأعلنه صراحة للناس، وهو الفقه الذي يؤكد على أفضلية وتقديم الإمام (السلطة) الجائر على الفتنة العارمة (الثورة)، لأن الفقه الإسلامي السني، يرفض رفضا مطلقا القيام بالثورات ضد السلطة، ويجعل لذلك شروطا تجعل منها مستحيلة، ومن يقوم بها يكون قد فقد الانتماء للإسلام والمسلمين، وتصر هذه الأدبيات على أن شرعية السلطة السياسية، تكمن في البطش والغلبة، وأن طاعتها، والاعتراف بها واجب ديني بالدرجة الأولى، وأن ظلمها مهما كان، أفضل من الثورات التي تقوم ضدها، وأن الحل الوحيد هو الصبر والتضرع إلى الله، وانتظار الفرج، وهو الموقف الذي تضمنته المرجعيات الكبرى، ووثقته الكتب المؤسسة له، عبر تعاقب القرون.

لقد كان البوطي أول من أعلن صراحة معارضته للوهابية، بكل فروعها وتجسيداتها جملة وتفصيلا، وأكد أن الوهابية بدعة تخالف قواعد الإسلام ومبادئ التدين، وقد وثق ذلك في كتاباته من أبرزها كتابه اللامذهبية، وهي المواقف التي جلبت له الكثير من الصدامات والخصومات، التي تمكنت من محاصرته في الشام وإلغائه من المنظومات الإعلامية الترويجية، للأفكار والشخصيات الإسلامية المتداولة، ومنعت الأجيال من الاقتراب من أفكاره، التي شكلت الضربة الموجعة للأدبيات الجديدة، للوهابية الكلاسيكية والجهادية، وليست المرة الأولى التي يتم بها تصفية الخصوم، فقد كانت الانطلاقة بذات الخويصرة، ولن يكون مسجد الإيمان، بوسط دمشق نهايتها.

لقد كان الشيخ البوطي أول من عارض العمل الإسلامي المسلح في الجزائر، في خطبته الشهيرة، عندما وصف عباسي مدني، بالرجل الطاغية، وعلي بلحاج بالشاب الغر، موضحا أنهما يلحقان بتصرفاتهما، أكبر الأضرار بالإسلام، ويجلبان الأخطار على المسلمين بتصرفاتهما، الأمر الذي جعل البوطي آنذاك الطير الذي يغرد خارج السرب، ليتمكن الرجل فيما بعد، من إلحاق أكبر الأضرار والإحراج بالتيارات السنية، التي صعب عليها كثيرا توفير الحجج الأيديولوجية (الفقهية)، لمواجهة أبياتها الكلاسيكية.

صحيح أن الشيخ البوطي، استفاد منه النظام السوري، في حربه ضد الوهابية الجهادية، التي تستمد اليوم قوتها، من نبع شرق الخليج، وتدفق غربه، لكن البوطي لم يكن مساندا للنظام السوري، بقدر ما كان يوجه سهامه نحو منابع الوهابية الجهادية، وضرب معاقلها الأيديولوجية، المتمركزة في شرق وغرب الخليج، ليكون خطاء الرجل الأساسي، أنه لم ينتبه للخطر الذي تمثله الفتاوى التي أصدرها، منذ بداية الربيع العربي، وقد تمكن البوطي من تسجيل الكثير من الأهداف في مرمى التيارات السنية، المساندة للثورات العربية، ووضعها في الزاوية الحادة، وألحق بها أضرارا قاتلة، مما جعل أرمادتها الإعلامية تقصي البوطي من الساحة، وتنتظر فرصتها في تحضير الأجواء الإعلامية والنفسية، لتقدمه للوهابية الجهادية، لتتوضأ به في دمشق.

إن الصراع الخفي الدائر في الساحة الفقهية السنية اليوم، جعل من الوهابية الكلاسيكية، ترفض الثورات العربية، ولكن في منطقة واحدة من العالم العربي، وهي تعمل اليوم، على تدميرها في البلدان التي اندلعت فيها، ولكنها تحرض على احتضان الثورة، وتعمل على دعمها بكل الوسائل في الشام، عبر الوهابية الجهادية، مما يجعل هذا الاتجاه معرض للخطر، من طرف ما يمثله البوطي من قوة أيديولوجية، وأصالة فقهية مؤثرة، عبر احتمائه بالأدبيات المؤسسة للتيار السني، والمشكل لمرجعياته الكبرى، لهذا كان يجب أن يموت البوطي ويختفي من الساحة، مباشرة بعد الإعلان عن تشكيل الوهابية لحكوماتها في تركيا.

لقد عارض البوطي، الحركات الإسلامية، من خلال شن هجوماته على التنظيمات الإسلامية، معتبرا أن خدمة الإسلام، لا تأتي بهذه التنظيمات، ونظرا لمواقفه تمت عمليات إقصاء وتهميش وإبعاد البوطي، من كل التكتلات والتجمعات الإسلامية الدولية، التي لها علاقة بالإخوان المسلمين، أو الوهابية، وآخرها إقصاؤه من الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين، وغيرها من التكتلات العالمية، التي كانت تجد نفسها في كل موقف أو تحرك، مجبرة على تحضير المبررات الأيديولوجية والفقهية، في مواجهة مواقف البوطي الذي كان يضربها في صميمها.

إن الوهابية الجهادية، وجدت مواقف البوطي أخطر عليها من حربها من الجيش البعثي، حتى وإن تمكنت من إسقاط النظام السوري، فإنها ستجد نفسها في مواجهة، خطر أكبر منه، وهو الخطر الأيديولوجي، الذي يمثله البوطي الذي تمكن من التحول إلى تيار أيديولوجي قوي، يهدد مصالح الوهابية الجهادية، التي تستخدمها اليوم القوى النافذة وراءها، لتصفية حساباتها مع خصومها في الشرق الأوسط، وبالذات في سوريا والعراق ولبنان، بالأدوات العسكرية، وبالأسلحة الإعلامية في مصر.

إن المرحلة القادمة، تتطلب اختفاء التيار الذي يمثله البوطي، من أجل إزالة كل الحواجز والمعوقات، التي تنتظر الوهابية الجهادية، في انتظار المواجهة الكبرى المنتظرة، بين التشيع المسلح، والوهابية الجهادية، من هنا كان من الضروري، إبعاد تيار البوطي، وحرمان التشيع المسلح، من أحد حلفائه غير المتفق معهم، في المرحلة القادمة.
كثيرون هم من سيتم تصفيتهم في القادم من الأيام، ليس بالضرورة عن طريق الاغتيال العسكري، بل بمختلف الوسائل والأساليب (من لم يمت بالسيف مات بغيره، تعدد الوسائل والهدف واحد) لأنهم يمثلون الحاجز الذي يمنع امتدادات الوهابية الجهادية، ويعيق نفوذها القادم، وبالذات أنها لا تملك الكثير من الوقت، لتحقيق وتنفيذ مشاريعها، التي تكون كل الظروف مواتية لتجسيدها اليوم.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بوتفليقة يلقي خطاب الوداع يوم 24 فيفري القادم .

هل باع "هشام عبود" فيلم الصور الخاص بأبو نضال الى الموساد ؟؟؟ وما حقيقة تورط أو علم المخابرات الجزائرية بذلك ؟؟

أهم القواعد الأمريكية في منطقة الخليج العربي المحتل