وهل هناك 'غد عربي' بدون جمانة نمور؟

وهل هناك 'غد عربي' بدون جمانة نمور؟
سليم عزوز
2013-03-15

 
السماء تمطر فضائيات، ومنذ قيام الثورة تواجهنا مشكلة في مصر، تتمثل في من الملاك الحقيقيين لكثير من الفضائيات؟، منذ أن هبط صاحب 'سي بي سي'، علي سماء الإعلام بالباراشوت بدون سابق معرفة، وهو ينفق عليها، وعلي صحيفة يملكها، إنفاق من لا يخشى الفقر، وقد حول المحطة الفضائية إلى جراح للفلول، ولمن صنعهم النظام البائد على عينه!
في البداية قيل أن ' سي بي سي' ستكون الذراع الإعلامي للفريق احمد شفيق، في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية، لكنه لم يوفق، وسافر إلى دبي، واستمرت 'بي بي سي'، وكان لافتاً أن صاحبها اشترى مجموعة من المحطات الفضائية لا ليضمها إلى إمبراطوريته الإعلامية التي هي في طور التشكيل، ولكن ليغلقها، وهو نوع من الاستثمار غير مألوف، وحاولت كثيراً الوقوف على طبيعته وفشلت.
فهل هذا الهابط بالباراشوت هو بالفعل المالك الحقيقي لـهذه الإمبراطورية الجديدة، ويتصرف وفق قاعدة: ' من معه جنيه ومحيره يشتري به حمام ويطيره'؟!.. أم أن هناك ملاكاً سريين؟!..
في الواقع أنا لا ادري ومن قال لا ادري فقد أفتى.
في هذه الأيام يدور الحديث في مصر عن فضائية جديدة هي ' الغد العربي'، التي يجري التعامل معها على أنها عمل سري، فلا نعرف هويتها، وقيل في البداية إن ملاكها هم: نجيب ساويرس، ومحمد دحلان، واحمد شفيق. ودحلان وساويرس تردد قبل الثورة أنهما في طريقهما لإطلاق فضائية، ولم يحدث.
في لقاء تلفزيوني نفى ساويرس نفياً قاطعاً أن تكون له علاقة بالغد العربي، وقال إن دحلان صديقه لكنه لم يدخل معه في مشروعات إعلامية، وتساءل في براءة، لقد باع 'أون تي في'، فلماذا باعها إن كانت لديه رغبة في تملك فضائية جديدة.. فهل باعها فعلاً؟!
مؤخراً تم الإعلان عن أن ساويرس باع ' أون تي في' لمستثمر تونسي، وكان غريباً أن المستثمر التونسي لم يتدخل في رسالتها الإعلامية، ولم يلغ برنامجاً واحداً، ولم يقترح برنامجاً جديداً، ولم يعجبه ' منشط' تونسي فيعينه فيها، والغريب أن هذا المستثمر الذي قيل انه اشتراها أبقى مثلاً على جابر القرموطي، وكأنه تم تحميله 'على البيعة' في عقد البيع، وكأن إعجاب ساويرس بجابر، المتحلل من كل القواعد المهنية، قد انتقل بالعدوى إلى المستثمر التونسي، الذي لم يشغله الشأن التونسي فيخصص له برنامجاً في قناته التي اشتراها بحر ماله، أو حتى حلقة علي الرغم من أهمية ما يحدث هناك للمشاهد المصري، عندنا فقر في هذا المجال، علي الرغم من أن ما يجري في تونس يهمنا، باعتبار أن تونس سبقتنا في الثورة، والحزب الكبير هناك هو حزب ' النهضة'، وعندنا 'النهضة' طائر له جناحين، كما قال الرئيس محمد مرسي، وما لم يقله الرئيس، أن هذا الطائر طار وحلق بجناحيه في الفضاء إلى أن استقر به المطاف في جبال تورا بورا.
ربما وجد التونسي هذا أن مصر أرض خصبة لنفوذ دول الجوار، ففي سمائها نشاهد صراعاً خليجياً خليجياً، فالدوحة أنشأت ' الجزيرة مباشر مصر' وردت عليها السعودية بـ'إم بي سي مصر'، وما خفي كان أعظم، وربما اشترى صاحبنا 'اون تي في' تأكيداً علي النفوذ التونسي العابر للقارات، هذا إن كان قد اشتراها فعلاً.
ما علينا، فالمتهمون الثلاثة بإنشاء الفضائية الجديدة، ومن ساويرس، إلى دحلان، إلى شفيق، نفوا علاقتهم بها، والمثير أن صاحبها لم يهب معلناً انه صاحب القناة، وكأن ملكيتها تهمة، وكأنها تنظيم سري الكل ينفي أمام جهات التحقيق عضويته فيه.
الزميلة إيناس عبد الله بجريدة 'الشروق' حاولت التوصل إلى أصحابها وفشلت، وكتبت إن الوصول إلى مموليها لم يكن عملية سهلة وان إقناعهم بالحديث كان المهمة المستحيلة، لكن من الواضح أن إيناس هي من وقفت وحدها على صاحبها، فالمصدر الذي التقته طلب منها عدم ذكر اسمه، وهذا المصدر السري نفى ان تكون 'الغد العربي' إماراتية التمويل، ونفى أي علاقة لها بشفيق أو دحلان، ورفض الإفصاح عن هوية مموليها، واكتفي فقط بالقول إنهم مجموعة من المستثمرين.
وهو تطور جديد في مجال تملك الفضائيات غير مسبوق، وعلي أيامنا كان من يملك فضائية يتفاخر بذلك، وأحدهم نشر إعلانا اشترط فيه 'مقاس المذيعة'، فلا تزيد حجما عن 70 رطلا، من اللحم الخالص، ولا تقل طولاً عن 160 متراً، وأن تكون رقبتها كرقبة الزرافة، وعيونها كعيون 'البقرة الضاحكة'. وفي ثقافات بعض الأعراق، وباعتباري باحثا في علم الانثروبولوجيا تخصصي الدقيق أنا وجمانة نمور، يقال مدحاً في وصف عيون امرأة: أن عيونها كعيون البقر.
أحدهم اشترط أن يحضر لجنة اختيار المذيعات، على أساس انه صاحب المحل، وكان له ما أراد، فصاحب الفضائية، على أيامنا، كان يتفاخر بين البرية بملكيته لها، وكان كلما ظهر في مكان التفت حوله الصبايا، وكان حلم حياتي لهذا أن أكون صاحب قناة تلفزيونية.
وقد 'عشنا وشفنا' أن يصبح البحث عن صاحب محطة تلفزيونية كالبحث عن إبرة وسط 'كومة من القش'، وعشنا وشفنا صاحب فضائية يتحول ويسرف في الحديث عن علاقته بالشيخ الشعراوي الذي شهد لصاحبنا انه احد أولياء الله الصالحين.
الإنكار والتخفي، سيؤثران حتماً علي مصداقية القناة الجديدة، وهي في المهد، اللهم إلا إذا كان الأمر له علاقة بالقول المأثور: 'الإثم هو ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس'، فهذه فضائية وليست تنظيماً سرياً يستهدف قلب نظام الحكم.
كل ما سبق لا يعنيني، فما يعنيني حقاً أن ما قرأته في 'الشروق' قضى على آخر أمل لي في رؤية جمانة نمور، حيث كتبت إيناس عبد الله إن جمانة تركت 'الغد العربي'، وهل هناك غد عربي بدونها، فكيف يكون الأمس العربي إذن؟!
بشارة هيكل
من جديد، عاد الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل ضيفاً على لميس الحديدي على قناة ' سي بي سي'.
في إعلانات القناة أن لميس سجلت مع الكاتب الكبير ست حلقات، بدأت في إذاعتها، ولم أشاهدها، لكن وحسب ما قرأت انه تحدث عن عودة العسكر للحكم، فأقام له البعض حلقة ذكر، وظنوا إنها البشارة.
لهيكل حواريون وأنصار، والبعض يرى أن فيه من 'رائحة الحبايب' فهو الكاتب الأوحد الذي وثق فيه عبد الناصر، وعندما ظهر مع لميس في الحلقات السابقة ظلوا يروجون بأنه تورط، لكن ها هو يأتي إليها مع سبق الإصرار والترصد، فالدنيا حلوة خضرة، ويهرم ابن ادم وتشب معه خصلتان: الحرص وطول الأمل!
لم أحرص على مشاهدة السلسلة الجديدة، مع أني من الذين يشدون الرحال إلى هيكل وان ظهر على قناة 'العربية'، لكن قولوني العصبي ليس مؤهلاً هذه الأيام لقبول المزيد من المؤثرات، وبأن يرى لميس الحديدي وهي تتحدث بيديها وأذنيها ورموش عينيها فتحدث ضجيجاً لا يطاق في المنطقة. وقد فوجئت بحلقة الذكر المنصوبة لبشارته التي تمثلت في الحديث عن عودة العسكر، فما دام هيكل قد تحدث عن عودتهم، إذن فهم في الطريق إلى قصر الاتحادية. و لدينا داعون كثر لعودتهم للحكم، وقد اختلطت أصوات الثوار، بأصوات جماعات 'إحنا آسفين يا حسني'، ونحن في مصر في مرحلة ضبابية لم نعد نميز فيها بين الأصوات، فصوت الثورة صار شبيهاً بصوت الثورة المضادة.
من الذين رقصوا على 'واحدة ونصف' عندما قال هيكل ما قال، من كانوا معنا ونحن نهتف بسقوط حكم العسكر، عندما رأينا أن المجلس العسكري يقود البلاد في اتجاه تكفير الناس بالثورة، والبعض إيمانه بالديمقراطية ضعيف، ومثله في إيمانه بها كمثل من يؤمنون بالله على حرف، وما دامت الديمقراطية جاءت بالإخوان ولم تأت بهم، إذن فأهلا بحكم العسكر، الذي سيعيد الإخوان إلى جماعة محظورة، ويلقي القبض علي مكتب الإرشاد.. تلك أمانيهم.
تذكرون بطبيعة الحال ما فعله 'العبيط ابن أبيه'، الذي خصي نفسه ليغيظ زوجته، ومثلي لم يكفر بإرادة الناس، وهي تخذلني في انتخابات 2005، وغاية ما ظننته من هول التجربة أنني شعرت في ليلة تركي لمسقط رأسي أن جريد النخيل يبكيني، وفكرت أن اكتب رواية، أو حتى قصة قصيرة بعنوان: 'عندما بكى النخيل'، لكني تذكرت أنني لست أديباً. فهل اكفر بها الآن، ولم أكن مرشحاً ضد الرئيس محمد مرسي؟!
هيكل ليس ضد حكم العسكر، وليس في تراثه الغزير ما يؤكد انحيازه للديمقراطية، والناس فيما يعشقون مذاهب، وفي بداية الثورة، وعندما كانت ترتفع أصواتنا بإسقاط حكم العسكر، قال انه لا مانع عنده في أن يسمى المشير محمد حسين طنطاوي رئيساً، وكتبت: أنا عندي مانع.
وهيكل يجيد تحليل الواقع، لكنه عندما يتحدث في المستقبل، فانه يفقد رونقه، وأذكركم بحديث له على قناة الجزيرة، قال فيه إن المسرح يستعد الآن لسيناريو التوريث وان جمال مبارك سيكون رئيساً لمصر في شهر سبتمبر، أي بعد ثلاثة شهور، وكنا قبل الثورة بعامين، وربما بثلاث سنوات، وكتبت أنا: إن المسرح الآن لا يستعد لشيء، وقلت انه لا توجد عندي أو عند الأستاذ معلومات، 'كلانا يضرب الودع ويقرأ الطالع'.
والمعنى، أن الذين نظروا إلى ما قاله هيكل للميس على انه ' البشارة' هم يحلمون وقديماً قيل: 'الجائع يحلم بسوق الخبز'.. لعلها أحلام اليقظة!

أرض جو
- قلت لكم سابقاً إن رجل الأعمال رامي لكح يذكرني بحيرم، وهي الشخصية التي قام بها الراحل يونس شلبي. وحيرم الذي منحه الرئيس محمد مرسي عضوية مجلس الشورى بالتعيين، باعتبار سيادته مولانا ولي النعم، لم يعد يستدعى تلفزيونيا إلا ليهاجم الدكتور محمد البرادعي، الذي يرى الحكم الإخواني انه يمثل خطراً حقيقياً عليه، لذا فان تشويهه عندهم هو من حسن إيمان المرء.
حيرم ظهر في شهر واحد مرتين في مقابلات تلفزيونية ليهاجم البرادعي، من قبل قال ان البرادعي حاصل وزوجته علي الجنسية النمساوية، وقبل أيام قال إن البرادعي هو من دمر الثورة..
لن أناقش رامي سياسياً، فسيادته مدين للبنوك المصرية، عليه أن يسدد ما عليه، قبل أن يتحدث في السياسة ويتقرب للحكم الإخواني بالنوافل. وفي الواقع انه عندما طل علينا ليذكرنا بنفسه، فقد أكد لنا احتفاء حكم الإخوان به ان الحملة على نجيب ساويرس، تأتي علي قاعدة: الحرب والرأي والمكيدة، وقد استخدم فيها شعار'حق الدولة'، لكن السياسة هي الحاضرة، فالخصم يطارد استناداً إلى 'حق الدولة'، والموالي يكرم بغض النظر عن 'حق الدولة'.
إن ' حق الدولة' هو إذن الحق الذي يراد به باطل.

صحافي من مصر
azouz1966@gmail.com

تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

بوتفليقة يلقي خطاب الوداع يوم 24 فيفري القادم .

هل باع "هشام عبود" فيلم الصور الخاص بأبو نضال الى الموساد ؟؟؟ وما حقيقة تورط أو علم المخابرات الجزائرية بذلك ؟؟

أهم القواعد الأمريكية في منطقة الخليج العربي المحتل