حول خطاب مرسي
عبد الحق بوزيدي
السياسة هي فن الممكن ! وهي عالم حافل بالكذب والخداع والنفاق .. والسياسي الناجح هو الذي يتميز بالحكمة والمكر والرزانة وهو مجبر على الكذب في أغلب الاوقات .. لا يمكن لامام الجامع أن يكون سياسيا ، كما يستحيل على رجل السياسة ان يشتغل واعضا ومرشدا ...
وبما أن هذا هو حال السياسة ورجالاتها ، لماذا يصر الاخوان المسلمون على الاشتغال بها والانتفاع بمزاياها وهم بالاساس جماعة دينية تهدف لاصلاح المجتمع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ...
لقد سمعت الرئيس مرسي يخاطب شعبه وقد أثقل كاهل النص السياسي بالعبارات الدينية والروحية وأفرغ الخطاب من أي محتوي براغماتي من المفروض أنه موجه لشعب غارق في وحل الفقر والبؤس والحرمان .. وكان الرئيس مرسي ديماغوجيا لأبعد الحدود ، وقد أتقن ضرب عاطفة البؤساء الدينية في الصميم .. وكأن الايمان سيجفف المياه الطافحة !!
كان كافيا على الرئيس مرسي أن يردد عبارة '' ان الله معنا '' لينسي جمهور المتابعين وحشة الفقر المدقع ، وأن يقول '' اصبروا ، ان الله مع الصابرين '' ليخفف من عبء شروط صندوق النقد الدولي التي فرضها على الحكومة المصرية والتي تتضمن توقف الدولة عن دعم المواد الاستهلاكية وعدم زيادة مرتبات الموظفين مقابل اقراضها مبالغ مالية ..
ان الفشل الذريع الذي منيت به سياسة الاخوان جعلتهم في اغلب خرجاتهم يستعملون الخطاب اللاهوتي وهو نوع من الكذب السياسي المقيت والمرفوض أخلاقيا .. لان هذا الكذب يمس العلاقة الوطيدة بين العبد وربه وهنا يأتي الاخواني لينصب نفسه وسيطا سياسيا بين العبد وخالقه .. والا فما معني العبارة الشهيرة والتي مفادها من لم ينتخب الاخوان فانه ضال وقد ارتكب خطيئة وافكا عظيم .. هذا ما حدث عندنا في الجزائر حينما روجت حركة مجتمع السلم ان صوت المواطن الجزائري هو '' واجب '' وفرض سيسأل عنه يوم القيامة !! وقد استفاق بعد ذلك الشعب الجزائري على فضائح سياسية وقضايا فساد تورط فيها رئيس الحركة شخصيا !!
يجب علينا أن نتفق جميعا على أن الدين أشمل من السياسة وهو ليس مجرد مشروع سياسي لحزب من الاحزاب ولكنه مشروع حضاري وروحي يشترك في اقامته جميع أفراد المجتمع لانه هو الضامن الوحيد للوحدة الوطنية .. ونتفق أيضا على ان وظيفة السياسي هي تقديم برامج سياسية واقتصادية واجتماعية تتنافس مع برامج اخري وتوضع كخيارات ديمقراطية امام الشعب ويختار هذا الاخير الاصلح والاصدق بطريقة براغماتية محضة !!
تعليقات
إرسال تعليق