مقال رائع : تعدد الزوجات ما بين الرسول وابنته
تعدد الزوجات.. ما بين الرسول وابنته.
يقول لي أحدهم، أريد إحياء سنة الرسول المهجورة في شأن تعدد الزوجات.. يجب أن نشجع القادرين عليها لأنها قربى لله واحتفاء بالرسول.
قلت له جميل.. وأنا معك، ولكن، دعنا نعرف أولا سنة الرسول حتى نحسن الالتزام بها..
الرسول تزوج وهو شاب عمره 25 سنة من أمنا خديجة المشرفة..وظل وفيا لها مدة تزيد عن 25 سنة.. بلا زوجة ثانية أو عشيقة أو اتخاذ الإماء والسرائر، حتى تجاوز الـ 50 من عمره..
ثم ماتت خديجة.. فظل حزينا عليها عاما..
وكانت أول امرأة يتزوجها بعد خديجة، هي سودة بنت زمعة.
السيدة سودة كانت امرأة كبيرة في السن، في الخامسة والخمسين.. غير جميلة.. مات عنها زوجها السكران ابن عمرو.. وكل أهلها وأهل زوجها يومئذ على الكفر. فتزوجها الرسول لإعالتها. من ناحية. كما أنه كان يريد امرأة كبيرة لترعى ابنته فاطمة من خديجة.
وكانت قادمة من الحبشة/الصومال ضمن الذين هاجروا.
وأكبر دليل على أنه زواج لا علاقة له بالغريزة، أنها أهدت يومها إلى عائشة بعد زواجه منها.. كما أن كل الروايات تجمع على فكرة أنه قد زال جمالها..
المرأة كانت تريد عائلا.. والرسول كان يريد امرأة ناضجة تعنه في البيت.
تريد إحياء سنة الرسول .. ؟
عليك أن تظل أولا وفيا لزوجتك 25 سنة.. وإذا ماتت تظل حزينا عليها مخلصا لذكراها عاما.
ثم،أول امرأة تتزوجها تكون فقيرة، عجوز، غير جميلة.. عائدة من الصومال !!!
ولم يعدد الرسول إلا سبع سنين فقط، من سن 53 إلى سن 60 ، ثم منعه الله من الزيادة ولو أعجبه حسنهن.. وتلك كلمة بليغة.. أنه كرجل قد يتعرض للإعجاب بامرأة، ولكنه مأمور بتجاهل احتياجاته الانسانية وميوله الفطري، من أجل هدف أسمى.
إذن فالأصل العام في حياة النبي الزوجية التي امتدت على مدار 38 سنة، كان مبدأ الزوجة الواحدة الذي قضى فيه 31 سنة، هي زهره شبابه وعنفوان احتياجه، بينما لم يرد التعدد إلا على سبيل الاستثناء في وقت ضيق جدا لم يتجاوز سبع سنين.
بالمناسبة آيات التعدد وردت في القرآن في سورة النساء، في سياق اليتامى الذين يقوم الرجل على رعايتهم والعدل لهم في أموالهم..
(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع. فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)
إذن الله شرع التعدد خلال حديثه عن القسط في اليتامى.. أي فتاة يتيمة بلا عائل وتقوم أنت على رعايتها، فتتزوجها لعدم الوقوع في الحرج. ويكون زواجا ذا مظهر تكافلي أكثر منه زواجا غرائزيا..
وجاءت تلك الآية تدعم المعنى:
(وءاتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب. ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم. إنه كان حوبا كبيرا)
علي إمام المتقين وفاطمة زهرة الرسول..
علي بن ابي طالب أراد أن يتزوج على فاطمة ابنة الرسول.. ولما أن علمت ذهبت لأبيها تشكوه مغاضبة بألفاظ قوية: "يقول الناس أنك لا تغضب لبناتك." .. صحيح مسلم.
فغضب الرسول وخرج إلى الناس ووقف على المنبر يشهر الأمر. فوقع علي في حرج بالغ.. وقال الرسول أنه لا يريد بنت عدو الله مع ابنته في بيت واحد. فهو يخشى علىها الفتنة. لو يريد علي أن يتزوج ابنة أبي جهل ليطلق فاطمة!
ولكني أعتقد أن وازع "الأبوة" تغلب على محمد صلى الله عليه وسلم، على وازع "النبوة".
بنت أبي جهل التي يريد علي زواجها قد اسلمت. وستكون في بيت علي إمام المتقين وفاطمة زهرة الرسول. لا خوف إذن من محاولات الغواية والفتنة في الدين.. بل العكس هو ما سيحدث وهم من سيأثرون عليها.
الرسول كان يقول : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها.. صحيح مسلم بشرح النووي.
وهذا الحديث مفتاح في الحدث.. أن الرسول يتحرك لدفع الأذى عن ابنته كأب.
لأن لو أن الأمر يتوقف على فكرة خوفه على ابنته من الفتنة، لكان أوصى عليا أن يجعل لكل واحدة سكنا مستقلا لا يختلطان فيه.. ولا يقول تصريحه الصارم: لو تزوجت الثانية، طلق ابنتي.
ورغم أن المجتمع العربي لم يكن يجد حرجا في التعدد، بل كان تقليدا معتادا لديهم، فإن فاطمة غضبت لكرامتها، وهذا أمر إنساني خالص، لذلك ذهبت لأبيها تحثه على الغضب لها بغض النظر عن أي اعتبارات دينية.. ففاطمة تعرف جيدا إباحة التعدد في الإسلام. لكنها لا تقبله لنفسها..
بالمناسبة، ليس من حق الرسول "تشريعيا" أن يمنع علي من الزواج من أي النساء شاء.. حتى لو كانت بنت عدو الله، طالما أنها ليست مشركة، وهو الشرط الوحيد في القرآن الكريم (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) .. بل إن عكرمة أخيها عندما أسلم كان من القادة العظام في جيش المسلمين.. ولكن من حق الرسول "إنسانيا" أن يعترض على الإضرار بابنته.
الرسول نفسه قال لعلي، لو أردت الزواج منها فطلق فاطمة! هل معقول النبي خائف على ابنته من بنت عدو الله ولا يخاف على علي، ربيبه وحبيبه والمبشر بالجنة، من الفتاة!
تلك كلمة قالها الرسول كأب.. كإنسان، له مشاعر ملتهبة تخاف على ابنته.
يدعم ذلك أن عليا فهم الرسالة ولم يتزوج على فاطمة حال حياتها.. لا من بنت أبي جهل ولا من غيرها من النساء.
*
رواية البخاري 7/67 ، حاسمة ، قال الرسول :
فإن ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ( يتحدث بشكل أبوي انساني بحت)
ثم يكمل :
وإني لست أحرم حلالا ولا أحل أحل حراما . ( واضح أنه يخرج بالأمر من إطار التشريع الديني)
وهذا ما يدعم التحليل الذي سقناه .. أن الرسول قد غضب لابنته بوصفه أب.. وأن تبريره أنه يخشى عليها الفتنة جاء في سياق أنه يؤذيه ما آذاها . وأنها مبالغة في حب أب حريص.
*
تقول لي أن التعدد سنة العرب. وفعلها كبار الصحابة. أقول لك نعم هذا صحيح. وأنا لا أنفيه. ولكنها فطرة "ذكورية" لا علاقها لها بالتشريع الفقهي. قدر ما لها علاقة بأخصائيين الطب النفسي واساتذة الذكورة. وسلوك المجتمع. وطبيعة كل إنسان.
من حقك كرجل أن تعدد.. ولكن أرجوك لا تفعلها باسم الدين أو تحت غطاء الفقه أو زعما بتطبيق سنن الإسلام.
بقلم محمد الدويك
يقول لي أحدهم، أريد إحياء سنة الرسول المهجورة في شأن تعدد الزوجات.. يجب أن نشجع القادرين عليها لأنها قربى لله واحتفاء بالرسول.
قلت له جميل.. وأنا معك، ولكن، دعنا نعرف أولا سنة الرسول حتى نحسن الالتزام بها..
الرسول تزوج وهو شاب عمره 25 سنة من أمنا خديجة المشرفة..وظل وفيا لها مدة تزيد عن 25 سنة.. بلا زوجة ثانية أو عشيقة أو اتخاذ الإماء والسرائر، حتى تجاوز الـ 50 من عمره..
ثم ماتت خديجة.. فظل حزينا عليها عاما..
وكانت أول امرأة يتزوجها بعد خديجة، هي سودة بنت زمعة.
السيدة سودة كانت امرأة كبيرة في السن، في الخامسة والخمسين.. غير جميلة.. مات عنها زوجها السكران ابن عمرو.. وكل أهلها وأهل زوجها يومئذ على الكفر. فتزوجها الرسول لإعالتها. من ناحية. كما أنه كان يريد امرأة كبيرة لترعى ابنته فاطمة من خديجة.
وكانت قادمة من الحبشة/الصومال ضمن الذين هاجروا.
وأكبر دليل على أنه زواج لا علاقة له بالغريزة، أنها أهدت يومها إلى عائشة بعد زواجه منها.. كما أن كل الروايات تجمع على فكرة أنه قد زال جمالها..
المرأة كانت تريد عائلا.. والرسول كان يريد امرأة ناضجة تعنه في البيت.
تريد إحياء سنة الرسول .. ؟
عليك أن تظل أولا وفيا لزوجتك 25 سنة.. وإذا ماتت تظل حزينا عليها مخلصا لذكراها عاما.
ثم،أول امرأة تتزوجها تكون فقيرة، عجوز، غير جميلة.. عائدة من الصومال !!!
ولم يعدد الرسول إلا سبع سنين فقط، من سن 53 إلى سن 60 ، ثم منعه الله من الزيادة ولو أعجبه حسنهن.. وتلك كلمة بليغة.. أنه كرجل قد يتعرض للإعجاب بامرأة، ولكنه مأمور بتجاهل احتياجاته الانسانية وميوله الفطري، من أجل هدف أسمى.
إذن فالأصل العام في حياة النبي الزوجية التي امتدت على مدار 38 سنة، كان مبدأ الزوجة الواحدة الذي قضى فيه 31 سنة، هي زهره شبابه وعنفوان احتياجه، بينما لم يرد التعدد إلا على سبيل الاستثناء في وقت ضيق جدا لم يتجاوز سبع سنين.
بالمناسبة آيات التعدد وردت في القرآن في سورة النساء، في سياق اليتامى الذين يقوم الرجل على رعايتهم والعدل لهم في أموالهم..
(وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع. فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة)
إذن الله شرع التعدد خلال حديثه عن القسط في اليتامى.. أي فتاة يتيمة بلا عائل وتقوم أنت على رعايتها، فتتزوجها لعدم الوقوع في الحرج. ويكون زواجا ذا مظهر تكافلي أكثر منه زواجا غرائزيا..
وجاءت تلك الآية تدعم المعنى:
(وءاتوا اليتامى أموالهم ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب. ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم. إنه كان حوبا كبيرا)
علي إمام المتقين وفاطمة زهرة الرسول..
علي بن ابي طالب أراد أن يتزوج على فاطمة ابنة الرسول.. ولما أن علمت ذهبت لأبيها تشكوه مغاضبة بألفاظ قوية: "يقول الناس أنك لا تغضب لبناتك." .. صحيح مسلم.
فغضب الرسول وخرج إلى الناس ووقف على المنبر يشهر الأمر. فوقع علي في حرج بالغ.. وقال الرسول أنه لا يريد بنت عدو الله مع ابنته في بيت واحد. فهو يخشى علىها الفتنة. لو يريد علي أن يتزوج ابنة أبي جهل ليطلق فاطمة!
ولكني أعتقد أن وازع "الأبوة" تغلب على محمد صلى الله عليه وسلم، على وازع "النبوة".
بنت أبي جهل التي يريد علي زواجها قد اسلمت. وستكون في بيت علي إمام المتقين وفاطمة زهرة الرسول. لا خوف إذن من محاولات الغواية والفتنة في الدين.. بل العكس هو ما سيحدث وهم من سيأثرون عليها.
الرسول كان يقول : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما آذاها.. صحيح مسلم بشرح النووي.
وهذا الحديث مفتاح في الحدث.. أن الرسول يتحرك لدفع الأذى عن ابنته كأب.
لأن لو أن الأمر يتوقف على فكرة خوفه على ابنته من الفتنة، لكان أوصى عليا أن يجعل لكل واحدة سكنا مستقلا لا يختلطان فيه.. ولا يقول تصريحه الصارم: لو تزوجت الثانية، طلق ابنتي.
ورغم أن المجتمع العربي لم يكن يجد حرجا في التعدد، بل كان تقليدا معتادا لديهم، فإن فاطمة غضبت لكرامتها، وهذا أمر إنساني خالص، لذلك ذهبت لأبيها تحثه على الغضب لها بغض النظر عن أي اعتبارات دينية.. ففاطمة تعرف جيدا إباحة التعدد في الإسلام. لكنها لا تقبله لنفسها..
بالمناسبة، ليس من حق الرسول "تشريعيا" أن يمنع علي من الزواج من أي النساء شاء.. حتى لو كانت بنت عدو الله، طالما أنها ليست مشركة، وهو الشرط الوحيد في القرآن الكريم (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) .. بل إن عكرمة أخيها عندما أسلم كان من القادة العظام في جيش المسلمين.. ولكن من حق الرسول "إنسانيا" أن يعترض على الإضرار بابنته.
الرسول نفسه قال لعلي، لو أردت الزواج منها فطلق فاطمة! هل معقول النبي خائف على ابنته من بنت عدو الله ولا يخاف على علي، ربيبه وحبيبه والمبشر بالجنة، من الفتاة!
تلك كلمة قالها الرسول كأب.. كإنسان، له مشاعر ملتهبة تخاف على ابنته.
يدعم ذلك أن عليا فهم الرسالة ولم يتزوج على فاطمة حال حياتها.. لا من بنت أبي جهل ولا من غيرها من النساء.
*
رواية البخاري 7/67 ، حاسمة ، قال الرسول :
فإن ابنتي بضعة مني يريبني ما أرابها ويؤذيني ما آذاها ( يتحدث بشكل أبوي انساني بحت)
ثم يكمل :
وإني لست أحرم حلالا ولا أحل أحل حراما . ( واضح أنه يخرج بالأمر من إطار التشريع الديني)
وهذا ما يدعم التحليل الذي سقناه .. أن الرسول قد غضب لابنته بوصفه أب.. وأن تبريره أنه يخشى عليها الفتنة جاء في سياق أنه يؤذيه ما آذاها . وأنها مبالغة في حب أب حريص.
*
تقول لي أن التعدد سنة العرب. وفعلها كبار الصحابة. أقول لك نعم هذا صحيح. وأنا لا أنفيه. ولكنها فطرة "ذكورية" لا علاقها لها بالتشريع الفقهي. قدر ما لها علاقة بأخصائيين الطب النفسي واساتذة الذكورة. وسلوك المجتمع. وطبيعة كل إنسان.
من حقك كرجل أن تعدد.. ولكن أرجوك لا تفعلها باسم الدين أو تحت غطاء الفقه أو زعما بتطبيق سنن الإسلام.
بقلم محمد الدويك
تعليقات
إرسال تعليق