هكذا تدفن فضائح الفساد في الجزائر
هكذا تدفن فضائح الفساد في الجزائر
قضية ''سوناطراك - إيني''.. وما خفي كان أعظم
قضية ''سوناطراك - إيني''.. وما خفي كان أعظم
حفيظ صواليلينشر في الخبر يوم 24 - 02 - 2013
تتواصل فصول قضايا الرشاوى والعمولات غير القانونية التي أميط عنها اللثام، والمرتبطة بتعاملات شركات نفطية وغازية إيطالية في الجزائر، في الكشف عن بعض التفاصيل التي قد تشكل الجزء المرئي من جبل الجليد. فالقضايا التي عرضتها العدالة الإيطالية خلال التسعينات، ثم منذ 2010 إلى الآن، كشفت عن أسماء هامة، لكن التحقيقات التي برزت في الجزائر سرعان ما دخلت طي النسيان.
خلال سنوات 1993 و1996برزت في الإعلام الإيطالي أول قضايا الفساد المرتبطة بنشاط مجموعة ''إيني'' وفرعها ''سايبام''، في وقت كانت الشركة مصنفة ضمن أهم المجمعات، وكانت ''إيني'' من أبرز الشركات النشطة في القطاع الغازي بالجزائر، وظفرت بعقود هامة في سياق عمليات العصرنة والتطوير التي باشرتها الجزائر في الثمانينات، والتي سمحت لها بإقامة أنبوبين للغاز، الأول يخص إيطاليا عبر تونس، والثاني إسبانيا عبر المغرب. وأبرمت الشركة الإيطالية أول عقودها في الفترة الممتدة بين 1972 و.1977
نمو المجموعة الإيطالية كان سريعا في الفترة الممتدة بين 1983، تاريخ تشغيل أنبوب الغاز، ومنتصف التسعينات مع تفجير أول قضية أمام العدالة الإيطالية في 1993 و1996 بمعية فابيو دو باسكوال، وكيل جمهورية بمحكمة ميلانو الإيطالية. فمع نهاية 1992، استدعى فابيو دو باسكوال للاستماع رئيس مجموعة ''إيني''، غابريال كاغلياري. اعترف خلالها هذا الأخير باستلام عمولات بقيمة 32 مليون دولار من رجل الأعمال الليبي عمر يحيى. وكانت ''إيني'' ترسخ أقدامها حينها في ليبيا والجزائر. وعرف عن الليبي قربه من مسؤولين جزائريين نافذين، حيث أشار إلى أنه ساهم في تمكين ''إيني'' من الحصول على عقود في الجزائر، منها أنبوب الغاز ''ترنسماد'' المعروف أيضا بأنريكو ماتيي، حينها أمر رئيس الحكومة آنذاك، بلعيد عبد السلام، بفتح تحقيق لدى محكمة الجزائر، ولكن التحقيق لم يفض إلى شيء، خاصة بعد رحيل الحكومة سريعا. ومع ذلك، واصلت الشركات الإيطالية نشاطاتها، بل عرفت توسعا في الجزائر، خاصة في الفترة ما بين 2000 و2009 حيث افتكت مجموعة ''إيني'' عدة عقود شراكة داخليا وخارجيا، ووسع إنتاجه في الجزائر. وأضحت ''إيني'' تمثل ثاني أكبر إنتاج للشركة الإيطالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بمقدار 72 ألف برميل يوميا من النفط، وجاءت بعد مصر المقدر إنتاجها ب236 ألف برميل يوميا. وكانت إيطاليا أهم زبون للجزائر بمقدار 25 مليار متر مكعب سنويا. ومع انكماش الإنتاج المصري، اتجهت ''إيني'' إلى اليمن وأقامت شراكة مع سوناطراك في مجال الاستكشاف.
2010. بداية كشف الفضائح
مع بداية 2010 استدعى فابيو دو باسكوال، المدير التنفيذي لمجمع ''إيني سايبام'' لسماع أقواله في تعمّد منح رشاوى وعمولات، وهي قضايا كانت محل تحقيق الفرقة الاقتصادية هناك، ويتعلق الأمر بالاستفادة من صفقات ضخمة في عدة دول بالرشاوى والعمولات. وكانت القضايا المثارة متصلة بمشاريع من بينها منح صفقة أنبوب الغاز ''جي كا ''3 البالغة قيمتها 580 مليون دولار، أسندت لفرع المجمع ''إيني سايبام'' بصيغة التراضي والمفتاح في اليد، وعقود أخرى منحت بالشراكة مع مجموعات ألمانية ''كونتال فانوارك بليتاك'' والأمريكي ''سي سي أي سي''. وساهم انفجار القضية في إزاحة العديد من المسؤولين السامين من مناصبهم في إيطاليا، بداية برحيل الرئيس المدير العام، بيترو فرانكو تالي، وتعليق مهام المدير المالي للنشاطات الهندسية والبناء ل''سايبام''، بيترو فارون، واستقالة المدير المالي وعضو مجلس الإدارة في ''إيني''، ألسندرو بيرنيني، ومثل هؤلاء المسؤولون أمام محكمة ميلانو في تحقيق جديد فتح في أفريل .2011
بالمقابل، امتدت ارتدادات القضية إلى الجزائر، مع فتح تحقيقات أفضت إلى توقيف عدة إطارات من مجمع سوناطراك، على رأسهم الرئيس المدير العام السابق، محمد مزيان، ونائب الرئيس، عبد الحفظ فيغولي. ومن بين الملاحظات التي تمت الإشارة إليها، استفادة الشركات الإيطالية من مشاريع كبيرة وهامة، بلغت قيمتها خلال سنة 2008 ما يفوق 5,6 مليار دولار، أضيفت إليها مشاريع أخرى لاحقا، وكان مشروع أنبوب غاز ''جي كا ''3 من أهمها، وكان سيسمح بدعم نقل الغاز إلى حدود 9 ملايير متر مكعب وتمويل أنبوب غاز غالسي بين الجزائر وإيطاليا. وتردد اسم وزير الطاقة، شكيب خليل، كثيرا فيما اعتبر تسهيلا لإبرام مثل هذه العقود بصيغة التراضي، وكان ذلك من بين الأسباب التي ساهمت في مغادرته وزارة الطاقة والمناجم في ماي 2010 وتعويضه بيوسف يوسفي. واستمرت التحقيقات بالخصوص في إيطاليا سنتي 2011 و,2012 وهو ما أفضى مجددا إلى الكشف عن الفضيحةالجديدة، المرتبطة بعقود قدمت للشركات الإيطالية بين 2007 و2009 جلها بالتراضي. ومع إعلان العدالة الإيطالية، تم فتح تحقيقات في الجزائر أيضا. وخلال الفترة الأولى، سجلت مغادرة المسؤول الأول عن ''سايبام'' الجزائر، توليو أورسي، الجزائر في .2010
هزات ارتدادية لزلزال 2010
وفي هذه القضية كانت القائمة طويلة، بعد تعاون المدير العام السابق لفرع ''سايبام'' في الجزائر، توليو أورسي، مع النيابة العامة بميلانو، للكشف عن تفاصيل قضية الرشاوى التي قدمت لوسطاء جزائريين، ليستفيد منها مسؤولون مقابل افتكاك الشركة الإيطالية عددا من العقود الهامة، المقدرة بحوالي 4,11 مليار دولار. وقدرت هذه الرشاوى والعمولات ب197 مليون أورو. ولا تزال تداعيات قضية العمولات والرشاوى، التي تكون قد دفعتها الشركة الإيطالية ''سايبام''، أحد فروع ''إيني'' الإيطالية، تعرف اتساعا مع المعلومات التي يتم الكشف عنها في إيطاليا، بينما لم يبرز ما تم في الجزائر بين 2009 و2013، باستثناء الإعلان مجددا، في 10 فيفري، عن فتح تحقيق قضائي، وكان السبق دائما للعدالة الإيطالية مع الكشف عن قائمة أسماء إيطالية وجزائرية. وقامت الفرقة الاقتصادية بتفتيش كامل لبيت الرقم الأول لمجموعة ''إيني''، الإيطالي باولو سكاروني، بينما كان متواجدا في الجزائر. كما ذكر أحد الشخصيات الجزائرية الوسيطة في التحقيقات، ويتعلق الأمر بفريد نور الدين بجاوي الذي قدّم، خلال لقاء مع وفد إيطالي يضم الرقم الثاني لمجموعة ''إيني''، باولو سكاروني، على أنه مستشار لوزير الطاقة والمناجم السابق، السيد شكيب خليل، في الوقت الذي وسعت مجال التحقيقات إلى الجزائر، مع ارتقاب إيفاد ممثلين عن المحققين الإيطاليين الذين يشرف عليهم قضاة التحقيق دي باسكوال وباجيو وسباتارو. وتعرف التحقيقات في إيطاليا منعرجا جديدا، خاصة بعد تحرك القضاء، محاولا الحصول على قائمة الأسماء المعنية في قضية دفع العمولات والرشاوى التي ساهمت في افتكاك شركات إيطالية مشاريع، منها ''لجمت منزل شرق'' و''ميدغاز''، والمقدرة بأكثر من 197 مليون أورو. وقد تم تحويل جزء من العمولات إلى الإمارات العربيةالمتحدة وهونغ كونغ، وعاد جزء منها إلى إيطاليا.
مصدر من قطاع المالية يكشف
محافظو الحسابات هم المسؤولون عن مراقبة سوناطراك
كشفت مصادر مسؤولة من قطاع المالية أن مراقبة حسابات شركة سوناطراك وفروعها، تتم عن طريق محافظي الحسابات المعينين من طرف الشركة، الذين يمكنهم إشعار العدالة في حال تسجيل اختلالات على مستوى حساباتها. وقالت ذات المصادر، في تصريح ل''الخبر''، إن مراقبة حسابات الشركة الوطنية تدخل في إطار مراقبة الشركات العمومية الاقتصادية، التي تتم بالاستعانة بمحافظي الحسابات، الذين لهم صلاحيات رفض التصديق على الحسابات في حال تسجيل اختلالات. من جهة أخرى، أكدت نفس المصادر أن إجراء عمليات مراقبة على مستوى حسابات سوناطراك يمكن أن يتم بطلب من السلطات العمومية، بإرسال فرق من المفتشية العامة للمالية أو ممثلين عن مجلس المحاسبة.
الجزائر: سمية يوسفي
بوتفليقة يخرج عن صمته
''أنا ساخط ''
أعرب رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عن ثقته في العدالة الجزائرية لفك خيوط وملابسات قضية شركة سوناطراك، مشيرا إلى أن هذه ''أمور تثير سخطنا واستنكارنا''.
وقال الرئيس بوتفليقة، في رسالة نشرتها وكالة الأنباء الجزائرية، وجهها إلى الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، عبد المجيد سيدي السعيد، وكافة العاملات والعمال الجزائريين بمناسبة الذكرى المزدوجة لإنشاء الاتحاد وتأميم المحروقات، إنه ''في هذا المقام لا يجوز لي أن أمر مرور الكرام على ما تناولته الصحافة مؤخرا من أمور ذات صلة بتسيير شركة سوناطراك''، مشيرا إلى أنها أمور ''تثير سخطنا واستنكارنا''. ''لكنني على ثقة، يؤكد رئيس الجمهورية، أن عدالة بلادنا ستفك خيوط هذه الملابسات وتحدد المسؤوليات وتحكم حكمها الصارم الحازم بالعقوبات المنصوص عليها في قوانيننا''.
الجزائر من أكثر البلدان فسادا
صنفت هيئة الشفافية الدولية الجزائر ضمن البلدان الأكثر فسادا، حيث احتلت في تقرير سنة 2012 الرتبة 105 من مجموع 176 بلد، وحصلت الجزائر على 4,3 نقطة من مجموع 10 في مؤشر الفساد على مستوى القطاع العمومي. ويتم اعتماد المؤشر بناء على تقديرات هيئة دولية مثل البنك العالمي ومنتدى الاقتصاد العالمي و11 هيئة مالية دولية وجهوية أخرى. وفي المجموعة العربية تحتل الجزائر المرتبة 10 من مجموع 18 بلدا، والمرتبة 21 إفريقيا من مجموع 50 دولة. وظل ترتيبالجزائر متأخرا ما بين 2003 و2012، حيث حصلت على مؤشر 9,2 نقطة من مجموع 10 في 2011 والمرتبة 112 من مجموع 183، وحصلت الجزائر في 2008 على المرتبة 111 و8,2 نقطة على .10
أسماء في الفضيحة
شكيب خليل
ولد وزير الطاقة السابق، شكيب خليل، في 1939 بمدينة وجدة المغربية، وقضى طفولته بينها وتلمسان ووهران، قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة في 1964 حيث أكمل دراسته الجامعية، وتحصل على دكتوراه في الهندسة البترولية بجامعة تكساس في 1968. عاد إلى الجزائر في 1970 حيث شغل منصب مسؤول تثمين المحروقات بسوناطراك، قبل أن يقبل بمنصب عمل بالبنك العالمي في 1980. وفي نهاية التسعينات شغل منصب رئيس فرع أمريكا اللاتينية في البنك العالمي الذي تقاعد منه في 1999 ليشغل منصب مستشار الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. وفي ديسمبر 1999 تم تعيين خليل كوزير للطاقة والمناجم، وهو المنصب الذي تركه في 2010. كما شغل شكيب خليل منصب رئيس منظمة الدول المصدرة للنفط أوبك في 2008.
رضا همش
شغل رضا همش، المولود بتلمسان، منصب رئيس ديوان الرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك، محمد مزيان، وقد ظهر اسمه لأول مرة في قضية ''بي أر سي'' في 2003 ثم في قضية سوناطراك الأولى، بعد أن تم تداول اسمه من طرف المتهمين في القضية كمقرب من الوزير شكيب خليل والفاعل الأساسي في سوناطراك ومحور الفضيحة التي هزت أكبر مؤسسة في إفريقيا. شغل رضا همش عدة مناصب في سفارات الجزائر بالخارج، وقد تم الحكم عليه في قضية تزوير سيارات بمدينة مارسيليا الفرنسية، قبل أن يفرج عنه ويبقى في أوروبا متنقلا بين بلجيكا وإسبانيا وتركيا، قبل أن يعود إلى الجزائر للقيام ببعض أعمال التجارة بين وهرانوالعاصمة. وبوصول شكيب خليل إلى السلطة في 1999، شغل منصب مستشار وزير الطاقة والمناجم، ثم مكلفا بالمديرية التجارية لسوناطراك، ليصل إلى منصب مستشار الرئيس المدير العام لسوناطراك محمد مزيان. وقد غادر رضا همش الجزائر في 2009 متوجها إلى سويسرا مباشرة بعد انطلاق مصالح الأمن في التحقيق في الفضائح التي هزت شركة سوناطراك، والتي اعتبر العديد من المتهمين فيها أن رضا همش هو الرأس المدبر لكل العمليات.
فريد نور الدين بجاوي
ولد فريد نور الدين بجاوي، وهو ابن أخ وزير الخارجية السابق ورئيس المجلس الدستوري السابق، محمد بجاوي، في 02 سبتمبر 9691 في فرنسا، قبل أن ينتقل إلى كندا حيث تحصل على شهادة من معهد الدراسات التجارية العليا، قبل أن يدخل عالم تصدير مواد غذائية نحو الجزائر، قبل أن يستغل قرابته مع رئيس محكمة العدل الدولية وعلاقته بشكيب خليل للوصول إلى قطاع المحروقات. أسس فريد بجاوي في 2002 مؤسسة ''ريان'' التي يتواجد مقرها بدبي، والتي تعتبر الوكيل الحصري لصندوق الاستثمار الأمريكي روسيل للاستثمارات. وقد منح شكيب خليل لهذه الشركة عملية بيع أسهم سوناطراك في مؤسسة أناداركو ودوك إينيرجي. وقد ذكر خلال التحقيقات الخاصة بقضية سوناطراك 2 أنه أحد أهم الفاعلين في مختلف التعاملات التي تمت، وأنه الوسيط الذي كان يأخذ الأموال للمسؤولين الجزائريين.
الرقم الثاني في مجموعة ''إيني''
باولو سكاروني
أحد الشخصيات المفتاحية الذي ذكر اسمه في قضايا ''إيني سايبام'' بالجزائر منذ 1993، وحكم عليه في القضية الأولى ب16 شهرا سجنا غير نافذ، ويعتبر المسير المفوض الحالي والرقم الثاني في مجموعة ''إيني'' بعد الرئيس غيساب ريتشي. ولد في 28 نوفمبر 1946 بمدينة فيتشانزا بشمال شرق إيطاليا، خريج جامعة بوكوني بميلانو تخصص اقتصاد، وحصل على شهادة الماستر بمدرسة الأعمال بكولومبيا في 1973، عمل بمجموعة ''شوفرون'' الأمريكية، ثم بمكتب الخبرة الدولي ماكنزي، فالمجموعة الفرنسية سان غوبان، لينتقل إلى بريطانيا ويعين مسؤولا تنفيذيا بمجموعة بيلغينغتون، ثم يعين رئيسا لمجمع ''إينيل'' الإيطالي، أكبر شركات إنتاج الكهرباء بين 2002 و2005، ثم يعين رئيسا لمجمع ''إيني'' أكبر المجموعات الطاقوية الإيطالية في 2006. كان محل تحقيقات قضائية في ملف الرشاوى والعمولات في 1993 إلى 1996، ثم في التحقيقات التي امتدت بين 2010 و2013.
النائب العام لمحكمة ميلانو فابيو دو باسكولي
صاحب الملفات والقضايا الكبيرة، تابع أكبر الشخصيات السياسية والاقتصادية، بمن في ذلك سيلفيو برلسكوني، كما تابع أهم ملفات الرشاوى والفساد المتعلقة ب''إيني'' و''سايبام'' في الجزائر منذ 1993، وحكم على رئيس ''إيني''، غابريال كاغلياري في أول قضية، وعلى باولو سكاروني، وواصل متابعة الملف لمدة فاقت 10 سنوات، ثم أعاد فتح قضايا الفساد للشركات الإيطالية في 2010 و2011 و2012.
تعليقات
إرسال تعليق