ملهاة العبث بالدستور = سعد بوعقبة



Enlarge font
 
Decrease font
الطريقة التي يدير بها رئيس الجمهورية قضية تعديل الدستور، غريبة وتعكس عدم الجدية حتى لا أقول تعكس حالة التخبط الذي أصبحت عليه السلطة:
أولا: هل يعقل أن تسند عملية تغيير الدستور لتقنيين لا علاقة لهم بالسياسة؟ هل الأمر يتعلق بوضع قانون أساسي لأمة دولة أم يتعلق بوضع قانون أساسي لشركة رسكلة النفايات في مزبلة أولاد فايت؟! وإذا كان الدستور بهذه السهولة في نظر عبقرية أشباه الحكام في الجزائر.. فلماذا يتقاتل التوانسة والمصريون مدة عامين على وضع الدستور ولم يوفقوا لحد الآن؟!
نعم الدساتير في كل بلدان العالم هي تعبير عن توازنات القوى بين الكتل السياسية في البلد..فهل الدستور الجزائري الذي أصبح فيه التقنيون هم الأساس يدل على أن البلاد أصابها التصحر السياسي ولم يبق فيها سوى التقنيون، وأن الرئيس بوتفليقة نجح في إنهاء السياسة من البلاد وحوّل 40 مليون جزائري إلى كمّ بشري لا علاقة له بالسياسة..؟! فهل هذه هي إنجازات الرئيس المهمة؟!
ثانيا: أتذكر أن دستور 1976 في عهد الحزب الواحد بعد نقاش عميق وواسع بين كل مكونات الشعب الجزائري فيما سمي بالميثاق الوطني، ومن النقاش السياسي انبثق الميثاق الذي استنبط منه الدستور.. وأذكر أيضا أن الرئيس بوتفليقة ترأّس اجتماعا بقصر الأمم لإطارات الأمة صحبة العقيد بن شريف مدير الدرك الوطني آنذاك.. وعرضت مواد الدستور على إطارات الأمة مادة بعد مادة وجرى نقاش حولها.. وقد حضرت شخصيا هذا النقاش الذي ما يزال صداه يتردد في أذني إلى الآن. فلماذا لم يفعل الرئيس الآن الشيء نفسه وكلّف لجنة تقنية فيها ما يقال.؟!
ثالثا: هل لأن التغيير الذي يحدث هو مجرد تغيير تقني لا يرقى إلى المسائل السياسية الكبرى التي تقلق المجتمع وتقلق مؤسسات الدولة في علاقاتها ببعضها، وإذا كان الأمر كذلك: لماذا يقال عن هذا التعديل الدستوري بأنه إصلاح؟!
الرئيس نفسه قال أمام النساء في 8 ماي الماضي بأن مؤسسات الدولة تعاني من خلل في علاقاتها ببعضها.! هل ستصلح لجنة تقنية تغييرات جذرية؟ لا أعتقد ذلك.!
رابعا: إذا كان الأمر في تعديل الدستور هو ترتيب الرئيس لعملية الرئاسة بعده من خلال إعادة الصلاحيات التي نزعها الرئيس بوتفليقة من رئيس الحكومة وحوّله إلى وزير أول في التعديل الثاني الذي أدخله على دستور .1996 فلماذا لا يقول الرئيس صراحة بأنه سيصلح ما أفسده في الدستور؟! هل يعقل أن رئيس جمهورية يقوم بثلاث تعديلات دستورية خلال عهدته ولا يعتبر ذلك عبثا؟!
أما إذا كان الرئيس يريد تعديلا يدخل به مسألة توزيع الصلاحيات الرئاسية على رئيس الحكومة ونائبه المفترض في سياق عهدة رابعة، فهذا أيضا من العبث، لأننا بعد 4 سنوات سنجد أنفسنا أمام الحاجة إلى تعديل آخر..؟! الإصلاح الحقيقي هو الكف عن العبث بالدستور لأغراض سياسية شخصية أو فئوية لا تخدم عملية التسيير الجيد للدولة ومؤسساتها؟



Enlarge font Decrease font

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

هل باع "هشام عبود" فيلم الصور الخاص بأبو نضال الى الموساد ؟؟؟ وما حقيقة تورط أو علم المخابرات الجزائرية بذلك ؟؟

عائلة بوتفليقة وعقدة الشعور بالنقص

هشام عبود في رده على سعد بوعقبة : لا انزل الى مستواه والعدالة هي من تفصل بيننا .