لماذا خليدة؟؟؟ /بقلم حدة حازم
لماذا خليدة؟!
لا أعرف السر وراء الحملة الشرسة التي تستهدف وزيرة الثقافة خليدة تومي عبر صفحات الفايس بوك والمواقع الإخبارية، بل وحتى الفضائيات، وذهب بعضهم إلى حد تكفيرها، وآخرون للمطالبة بإقالتها من على رأس الوزارة، بسبب تصريحات تجاوزها الزمن، تصريحات قالتها السيدة منذ قرابة 18 سنة، ولم يتفطن لها هؤلاء إلا اليوم!؟
أعرف أننا أبعد ما نكون عن مجتمع مثقف، لكن إثارة هذه الحملة الآن أثارت أننا مجتمع غوغائي يسير وراء الموجة، ولا يحسن اتخاذ مواقف عن قناعة وتفكير.
خليدة عبرت بحرية عن موقفها من الدين، الصلاة والصوم والحج، في كتابها ”يوميات جزائرية واقفة”، الذي صدر حول الأزمة الأمنية، وهي حرة في ذلك، وليس لأحد أن يحاسبها على قناعاتها، أو ينصّب نفسه محاميا يدافع عن الدين، فالدين أكبر من أن يترك للغوغاء تتبناه وتستعمله ضد أي شخص. فالدين جاء لحماية الناس وتنظيم حياتهم فيما بينهم وليس بينهم وبين الخالق، فهذه العلاقة تبقى بين الإنسان وربه، وليس لأحد أن يحكم على آخر بالكفر أو الردة أو أن يهدر دمه، وهي المصيبة التي وقعت فيها المجتمعات الإسلامية منذ سنوات الدعوة الأولى، وراح ضحيتها الآلاف من الأبرياء، وعلى رأسهم علماء أجلاء، وصفحات تاريخنا الإسلامي تملؤها الدماء والمجازر...
هل كان هذا الكلام الذي قالته خليدة في كتابها سيثير كل هذه الضجة لو صدر من رجل؟ وهل كانت ستنبري أقلام وتنضى سيوف للمطالبة برأسه؟!
لا أقول هذا الكلام دفاعا عن خليدة، وكنت أتمنى أن يطالب القراء، أو المهتمون بالشأن السياسي، بمحاسبة الوزيرة على كيفية إدارة القطاع الذي تسيره منذ قرابة 11 سنة. وحتى هذه المسألة لا تخص خليدة وحدها، بل تخص جميع الوزراء وكل القطاعات، فهذا هو جوهر النقاش الذي يجب أن يحدث، وأن يكون تقليدا يعمل به للتصدي إلى كل أنواع الفساد، لا أن ننتظر حتى تحدث الكوارث ثم نخرج نردد نفس النغمة كجوقة سيئة التوزيع.
لكن ما نقرأه مما كتب عن قضية صلاة الوزيرة مؤسف، فهو ينأى بالنقاش جانبا ويتجه به إلى طريق مسدود.
فالمطالبة بالإطاحة بخليدة من الوزارة من أجل قناعاتها، سيجعل منها ضحية حرية الرأي، ويحميها من المحاسبة الحقيقية، المحاسبة على التسيير، ويجنبها المسؤولية الحقيقية.
فهذا نقاش عقيم وغوغائي لا فائدة ترجى منه إلا تأجيج العاطفة الدينية لاستغلالها من قبل المنتفعين من وراء المشروع الإسلاموي.
حدة حزام
تعليقات
إرسال تعليق